كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى التَّعْمِيمِ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ وَفِي سم مَا نَصُّهُ أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ خِلَافًا لِمَنْ عَمَّمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَانَ يَنْبَغِي وَعَلَى آلِهِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ وَلَا كَرَاهَةَ سم.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ) أَيْ أَصْحَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْبَضْعَةِ) وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ اللَّحْمِ يَعْنِي أَنَّهُمْ قِطْعَةٌ مِنْهُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ الظَّاهِرُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَمْيَلُ إلَى التَّرَادُفِ) فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَلَعَلَّهُ أَنَّ انْتِفَاءَ النَّقْصِ لَا يُحَصِّلُ مَجْدًا وَلَا رِفْعَةً مَثَلًا كَفِعْلِ الْمُبَاحَاتِ، وَالْمَجْدُ فَوْقَ ذَلِكَ كَالسَّخَاوَةِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ع ش.
(قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَعْرِفَةً أَمَّا إذَا كَانَ نَكِرَةً فَتُعْرِبُ نُوِيَ مَعْنَاهُ أَوْ لَا كَمَا فِي التَّصْرِيحِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْمَعْرِفَةَ جُزْئِيٌّ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ شَبِيهًا بِالْحَرْفِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى الْجُزْئِيِّ بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فَضَعُفَتْ الْمُشَابَهَةُ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْأَسْمَاءِ مِنْ الْإِعْرَابِ ع ش.
(قَوْلُهُ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ سَبَبَ بِنَائِهَا الْمُشَابَهَةُ بِالْحَرْفِ فِي الِافْتِقَارِ وَرُدَّ بِأَنَّ الِافْتِقَارَ الْمُوجِبَ لِلْبِنَاءِ إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ جُمْلَةً وَهُوَ هُنَا مُفْرَدٌ فِعْلُهُ بِنَائِهَا شَبَهُهَا بِأَحْرُفِ الْجَوَابِ كَنَعَمْ فِي الِاسْتِغْنَاءِ بِهَا عَمَّا بَعْدَهَا فَاللَّامُ لِلتَّوْقِيتِ لَا لِلتَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُنْوَ شَيْءٌ نُوِّنَتْ) أَيْ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَرُوِيَ تَنْوِينُهَا مَرْفُوعَةً وَمَنْصُوبَةً لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ لَفْظًا وَتَقْدِيرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ جُرَّتْ بِمِنْ) لَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِهَا فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي خُصُوصِ هَذَا التَّرْكِيبِ سم أَقُولُ وَكَذَا قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُنْوَ شَيْءٌ نُوِّنَتْ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا التَّرْكِيبِ هُنَا وَهُوَ كَمَا فِي الْأَطْوَلِ تَذْكِيرًا ابْتِدَاءُ تَأْلِيفِهِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْمُتَبَرَّكِ بِهَا لِيَكُونَ آنُ الشُّرُوعِ فِيمَا بَعْدَهَا غَيْرَ ذَاهِلٍ عَنْهَا فَيَزِيدُ فِي التَّبَرُّكِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى آخَرَ) أَيْ بِقَصْدِ نَوْعٍ مِنْ الرَّبْطِ فَإِنَّ أَمَّا بَعْدُ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَكَذَا وَكَذَا أَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ الْكَذَا مَرْبُوطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَوَاقِعٌ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ بِالدَّعْوَى بَعْدَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ فَأَفَادَ رَبْطَهُ بِمَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَهُ وَلَابُدَّ ابْنُ يَعْقُوبَ قَالَ الْمُغْنِي وَلَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ. اهـ. أَيْ صِنَاعَةً وَإِلَّا فَيَجُوزُ شَرْعًا أَوْ الْمُرَادُ لَا يُسْتَحْسَنُ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَهِيَ سُنَّةٌ) أَيْ فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَأَوَّلُ مَنْ قَالَهَا دَاوُد إلَخْ) وَهُوَ أَشْبَهُ نِهَايَةٌ أَيْ أَقْرَبُ لِلصِّحَّةِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَهِيَ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ لِأَنَّهَا تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمَقَاصِدِ وَالْخُطَبِ وَالْمَوَاعِظِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ مُجَرَّدَ هَذَا لَا يَرُدُّ نَقْلَ الثِّقَاتِ تَكَلُّمُهُ بِهَذَا الْأَمْرِ الْخَاصِّ مِنْ غَيْرِ لُغَتِهِ خُصُوصًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَتَوَافَقُ اللُّغَاتُ سم.
(قَوْلُهُ غَالِبًا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُطَوَّلِ وَأَصْلُهَا مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ فَوَقَعَتْ كَلِمَةُ أَمَّا مَوْضِعَ اسْمٍ هُوَ الْمُبْتَدَأُ وَفِعْلٍ هُوَ الشَّرْطُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَاهُمَا فَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ لَزِمَتْهَا الْفَاءُ اللَّازِمَةُ لِلشَّرْطِ غَالِبًا. اهـ. وَفِي حَوَاشِيهِمَا مَا حَاصِلُهُ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْفَاءُ بَعْدَ أَمَّا وَلَمْ تَلْزَمْ بَعْدَ غَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوط؛ لِأَنَّ أَمَّا لَمَّا كَانَتْ دَلَالَتُهَا عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ بِالنِّيَابَةِ ضَعُفَتْ فَاحْتَاجَتْ إلَى دَلِيلٍ لِذَلِكَ فَوَجَبَ لُزُومُ الْفَاءِ كُلِّيًّا بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ فَإِنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ بِالْأَصَالَةِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَذَرَ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْغَالِبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ حَذْفِهَا فِي نَحْوِ: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} أَيْ فَيُقَالُ لَهُمْ أَكَفَرْتُمْ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفَادَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ مَعَ مَزِيدِ تَأْكِيدٍ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ الْأَصْلُ) أَيْ مَا حَقُّ التَّرْكِيبِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ هَذَا الْأَصْلُ اخْتِصَارًا فَنَرَى عَلَى الْمُطَوَّلِ.
(قَوْلُهُ هُنَا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ أَمَّا قُرَيْشًا فَأَنَا أَفْضَلُهَا فَإِنَّ التَّقْدِيرَ مَهْمَا ذَكَرْت قُرَيْشًا إلَخْ عَبْدُ الْحَكِيمِ.
(قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سِيبَوَيْهِ إلَخْ) وَقَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ مُرَادُ سِيبَوَيْهِ بَيَانُ الْمَعْنَى الْبَحْتِ وَتَصْوِيرُ أَنَّ أَمَّا تُفِيدُ لُزُومَ مَا بَعْدَ فَائِهَا لِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ كَذَلِكَ بَلْ الْأَصْلُ إنْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ فَحُذِفَ الشَّرْطُ وَزِيدَتْ مَا وَأُدْغِمَتْ النُّونُ فِي الْمِيمِ وَفُتِحَتْ الْهَمْزَةُ وَالتَّفْصِيلُ فِي الرَّضِيِّ.
(قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِهِ) أَيْ تَرْكِيبِ أَمَّا بَعْدُ وَقَوْلُهُ مَهْمَا بَسِيطَةٌ لَا مُرَكَّبَةٌ مِنْهُ وَمَا وَلَا مِنْ مَامَا خِلَافًا لِزَاعِمِيهِمَا قَامُوسٌ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ) التَّحْقِيقُ أَنَّ بَعْدَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْجَزَاءِ لَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الشَّرْطِ فَالتَّقْدِيرُ عَلَيْهِ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَبَعْدَ مَا ذَكَرَ رَشِيدِيٌّ وَحَفِيدُ السَّعْدِ وَشَيْخُنَا.
(فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ) افْتِعَالٌ مِنْ الشَّغْلِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ (بِالْعِلْمِ) الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ التَّفْسِيرُ وَالْحَدِيثُ وَالْفِقْهُ وَآلَاتُهَا وَاخْتِصَاصُهُ بِالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ عُرْفٌ خَاصٌّ بِنَحْوِ الْوَصِيَّةِ (مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ) فَفَرْضُ عَيْنِهِ أَفْضَلُ الْفُرُوضِ الْعَيْنِيَّةِ لِتَفَرُّعِهَا عَلَيْهِ وَأَفْضَلُهُ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْعِلْمَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَعْلُومِهِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ إجْمَاعًا وَكَذَا النَّظَرُ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا وَوُجُوبُهُمَا بِالشَّرْعِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَشَاعِرَةِ إذْ لَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ وَعِنْدَ بَعْضٍ مِنَّا وَالْمُعْتَزِلَةِ بِالْعَقْلِ وَبَسْطُ ذَلِكَ يَطُولُ قِيلَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ دَوْرٌ لَا مَحِيدَ عَنْهُ. اهـ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ مِنْهُ أَفْضَلُ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَنَفْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ النَّوَافِلِ وَكَوْنُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلَ مُطْلَقًا ثُمَّ بَقِيَّةُ الْعُلُومِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ لَا يُنَافِي عُدَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْضَلِ إذْ بَعْضُ الْأَفْضَلِ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ بَقِيَّةِ أَفْرَادِهِ، وَقَدْ لَا فَزَعْمُ خُرُوجِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ إيرَادِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَحِينَئِذٍ فَأَوْلَى مَعْطُوفٌ عَلَى أَفْضَلَ كَمَا يَأْتِي، وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مِنْ أَفْضَلَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ كَوْنَهُ أَفْضَلَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ الْأَفْضَلِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ عَنْ أَنَسٍ «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا» فَأَتَى هُنَا بِمِنْ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا إجْمَاعًا فَنَتَجَ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ مِنْ الْأَفْضَلِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ أَفْضَلَ بِنَصِّ كَلَامِ أَنَسٍ هَذَا الَّذِي هُوَ أَقْوَى حُجَّةً فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَمَا صَحَّ عَنْهَا أَيْضًا فَإِذَا اُنْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ غَضَبًا فَأَتَتْ بِمِنْ مَعَ أَنَّهُ أَشَدُّهُمْ وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ أَنَّ مِنْ هُنَا زَائِدَةٌ بِخِلَافِهَا فِي كَلَامِ أَنَسٍ.
فَإِنْ قُلْت إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ فَمَا فَائِدَةُ مِنْ الْمُوهِمَةِ خِلَافَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا قُلْت فَائِدَتُهَا الْإِشَارَةُ إلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْته وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ بَقِيَّةِ أَفْرَادِ نَوْعِهِ وَمَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَوْعٍ آخَرَ أَعْلَى مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ بَقِيَّةِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَالنَّوَافِلِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَيْ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ هُوَ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْفُرُوضِ الْعَيْنِيَّةِ غَيْرِ الْعِلْمِ وَنَفْلُهُ أَفْضَلُ النَّوَافِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إذْ حَمْلُهُ الْمَذْكُورُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ مِنْ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْ نَفْلِ الصَّلَاةِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعِلْمِ حِينَئِذٍ وَلَا بِدْعَ أَنْ يَخُصَّ قَوْلَهُمْ أَفْضَلُ عِبَادَةِ الْبَدَنِ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَمَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِفُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَالْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْعِلْمِ فَلَمْ يَصِحَّ حَذْفُ مِنْ لِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَتَأَمَّلْهُ ثُمَّ فَضْلُهُ الْوَارِدُ فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ مَا يَحْمِلُ مَنْ لَهُ أَدْنَى نَظَرٍ إلَى كَمَالِ اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي تَحْصِيلِهِ مَعَ الْإِخْلَاصِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ فِيهِ وِرَاثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَحِيَازَةُ فَضِيلَةِ الصَّالِحِينَ الْقَائِمِينَ بِمَا تَحَتَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ خَلْقِهِ.
وَيَظْهَرُ حُصُولُ أَدْنَى مَرَاتِبِ ذَلِكَ بِالِاتِّصَافِ بِوَصْفِ الْعَدَالَةِ الْآتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَاخْتِصَاصُهُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي اخْتِصَاصِ الْآلَاتِ عَنْ الْوَصِيَّةِ.
(قَوْلُهُ فَفَرْضُ عَيْنِهِ) مَا وَجْهُ التَّفْرِيعِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْفَاءُ لِلتَّفْسِيرِ، وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ الْفُرُوضِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ.
(قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ دَوْرٌ لَا مَحِيدَ عَنْهُ) قَالَ فِي الْمَوَاقِفِ احْتَجَّ الْمُعْتَزِلَةُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ إلَّا بِالشَّرْعِ لَزِمَ إفْحَامُ الْأَنْبِيَاءِ إذْ يَقُولُ الْمُكَلَّفُ لَا أَنْظُرُ مَا لَمْ يَجِبْ أَيْ النَّظَرُ وَلَا يَجِبُ مَا لَمْ يَثْبُتْ الشَّرْعُ وَلَا يَثْبُتُ الشَّرْعُ مَا لَمْ أَنْظُرْ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إذْ لَوْ وَجَبَ النَّظَرُ بِالْعَقْلِ فَبِالنَّظَرِ اتِّفَاقًا فَيَقُولُ لَا أَنْظُرُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا يَجِبُ مَا لَمْ أَنْظُرْ إلَى أَنْ قَالَ فِي الْمَوَاقِفِ وَشَرْحِهِ الثَّانِي الْحَلُّ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَك لَا يَجِبُ النَّظَرُ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ الشَّرْعُ عِنْدِي قُلْنَا هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الْوُجُوبُ عَيْنَهُ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ مَوْقُوفًا عَلَى الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ الشَّرْعِ لَكِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ إذْ الْعِلْمُ بِالْوُجُوبِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْوُجُوبِ فَلَوْ تَوَقَّفَ الْوُجُوبُ عَلَى الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلَزِمَ أَيْضًا أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ عَلَى الْكَافِرِ بَلْ نَقُولُ الْوُجُوبُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الشَّرْعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالشَّرْعُ ثَابِتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلِمَ الْمُكَلَّفُ بِثُبُوتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ نَظَرَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَنْظُرْ، وَكَذَلِكَ الْوُجُوبُ أَيْ ثَابِتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا تَكْلِيفُ الْغَافِلِ لِأَنَّ الْغَافِلَ مَنْ لَمْ يَتَصَوَّرْ التَّكْلِيفَ لَا مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قِيلَ إنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ هُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ لَا الْعِلْمُ بِهِ وَبِهَذَا الْحَلِّ أَيْضًا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ فَيُقَالُ قَوْلُك لَا يَجِبُ النَّظَرُ عَلَيَّ مَا لَمْ أَنْظُرْ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْوُجُوبَ ثَابِتٌ بِالْعَقْلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِالْوُجُوبِ وَالنَّظَرِ فِيهِ. اهـ.
وَبِهِ يَتَّضِحُ الدَّوْرُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مِنْ أَفْضَلِ) أَيْ فَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ الشَّامِلِ لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ بَعْضُ فُرُوضِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ الْإِشَارَةُ إلَخْ) فِي إفَادَتِهَا الْإِشَارَةُ إلَى مَا ذُكِرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ بَعْضَ الْأَفْضَلِ صَادِقٌ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِبَقِيَّةِ أَفْرَادِ الْأَفْضَلِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا عَدَا مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَحِينَئِذٍ فَمِنْ لَابُدَّ مِنْهَا وَيَمْتَنِعُ عَطْفُ أَوْلَى عَلَى مِنْ أَفْضَلَ، وَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ وَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْ مَعَ مُرَاعَاةِ مُطَابَقَةِ مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّهُ بَعْضُ الْأَفْضَلِ لَا الْأَفْضَلُ لِلْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَلْ بَعْضُ الطَّاعَاتِ غَيْرُ الْمَعْرِفَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ حَتَّى مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ مَعَ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهَا إنْقَاذُ نَبِيٍّ أَوْ غَيْرِ نَبِيٍّ مِنْ الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ تَقْدِيمُ الْإِنْقَاذِ، وَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهَا.